ثم أخي - بارك الله فيك - لو ندرس منهج أهل السنة والجماعة في النقد من عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - بل القرءان قبل ذلك نجد فيه أن الله - سبحانه - يذكر أشخاص بمثالبهم ومساوئهم دون ذكر لحسناتهم و لك بعض الأمثلة
إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النور : 11]
فهنا من الذي تولى كبره أليس زعيم المنافقين .
فلو حكمنا منهج الموازنات أو بالأحرى - ذكر الحسنات والسيئات معا - لقنا بأن الله هنا في هذه الأية ظالم لأنه - سبحانه- لم يذكر حسنات المنافق الذي تولى كبره .
و هذا لا يقوله مسلم.
ثانيا: القرءان مليئ بالرد وكشف الكفار والنافقين والأيات أكثر من ان تعد في ذلك ولا يذكر الله - سبحانه - عند كشفهم أي شيء من حسناتهم و من المعروف أن الكفار لهم حسنات منها الصدقة وإكرام الضيف و ما أشبه ذلك .
فالمنهج الصحيح أنه عند التحذير من كتاب أو شخص أو بدعة أو فرقة لا تذكر الحسنات حتى لا يغتر الجاهل والغر كما يقال بتلك الحسنات
مثال: تصور أنك تريد تحذير شخص من صاحب بدعة فتذكر السيئات وما هو عليه من مخالفة السنة ثم تردف بعد ذلك ذكر حسناته فهل يكون تحذيرك له ذا نتيجة كلا, لأنه سيغتر بحسناته.
ثم أخي - بارك الله فيك - انظر لسورة المسد هل ذكر الله - سبحانه - حسنات أبي لهب و امرأته - كلا- بل ذكر مساوئهم فقط و هذا للتحذير
فلو أعملنا قاعدة ذكر الحسنات والسيئات لوجب ذكر حسنات أبي لهب وامرأته
تقول كفار ولهم حسنات اقول : نعم لهم حسنا ت منها إكرام الضيف ونصرة المظلوم و السقاية والرفادة وإطعام الحجاج و ما أشبه ذلك من الاعمال و لكن كفرهم منعهم من قبول أعمالهم .
ثم أخي - بارك الله فيك- انظر لبعض أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، قالت: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: هو الذي أنزل عليك الكتب منه ءايات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون ءامنا به، كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب ( ) قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمى الله، فاحذروهم "
عن عائشة رضي الله عنها: أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما رآه، قال: ((بئس أخو العشيرة، وبئس ابن العشيرة))، فلما جلس، تطلق النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه، وانبسط إليه،
فانظر كيف قال الرسول - صلى اله عليه وسلم - للرجل بئس أخو العشيرة فهذا قدح من دون ذكر للمحاسن - لم تذكر هنا ولا حسنة من حسنات الرجل - .
قال الحافظ: "قال القرطبي: في الحديث جواز غيبة المعلن بالفسق أو الفحش أو نحو ذلك من الجور في الحكم والدعاء إلى البدعة، مع جواز مداراتهم واتقاء شرهم، ما لم يؤد ذلك إلى المداهنة في دين الله))
لما انتهت فاطمة بنت قيس من عدة طلاقها من زوجها أبي عمرو ابن حفص، ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مشيرا ناصحا)، ( ): ((أما أبو جهم، فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية، فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد))، قالت: فكرهته، ثم قال: ((انكحي أسامة)). فنكحته، فجعل الله فيه خيرا، واغتبطت
فانظر اخي - رعاك اله بحفظه - لم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - محاسن معاوية ين أبي سفيان و لا أبي جهم , فعلى قاعدة الموازنة بين الحسنات والسيئات هنا الرسول أخطأ - وحاشاه بأبي وأمي - لأنه لم يذكر الحسنات لفاطمة بنت قيس .
فلو ذكر الحسنات بجانب السيئات لغترت - رضي اله عنها- و إنما لكل مقام مقال كما يقال.
وعن عائشة رضي الله عنها: أن هند بنت عتبة، قالت: يارسول الله ! إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم ؟ فقال: ((خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف))
فهنا ذكرت أبا سفيان بأنه شحيح و لم تذكر بجانب ذلك حسناته .
فلم ينكر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها للجانب المظلم، ولم يكلفها بذكر محاسن أبي سفيان، وإنه لذو محاسن.
وعن علي رضي الله عنه، قال: إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أقول عليه ما لم يقل، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم، فإن الحرب خدعة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم، فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة))
فهنا حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الخوارج ولم يذكر محاسنهم ؟؟؟.
ثم أخي - رعاك الله - لو تحمل أي كتاب في الجرح والتعديل لوجدت العالم يذكر أسباب الجرح مباشرة من دون ذكر للمحاسن وهذا مشهور في علم الرجال فهل علماء الجرح ظالمون بعدم ذكر محاسن الراوي المتكلم فيه ؟؟؟.
فقد ألف الإمام البخاري- وهو من هو إمامة ودينا وخلقا وورعا- كتابين في الضعفاء: "الكبير"، و"الصغير".
وألف الإمام النسائي كتابا في "الضعفاء والمتروكين ".
وألف العقيلي كتابا في "الضعفاء".
وألف ابن عدي كتابه "الكامل " في من تكلم فيهم.
وألف ابن حبان كتابا خاصا بالمجروحين.
وللدارقطني وابن معين عدد من الكتب أجابا فيها على أسئلة عن الضعفاء والمتروكين.
وألف الحاكم كتاب "الضعفاء"، وهو جزء من "المدخل ".
وألف أبو نعيم وابن الجوزي في ذلك.
وألف الذهبي ثلاثة كتب في المجروحين ومن تكلم فيهم: "الميزان " و " المغني " و "ديوان الضعفاء".
وكتب الجرح والتعديل المشتركة مليئة بالطعن في المجروحين، وخاصة كتب الإمام يحيى بن معين، فلم يشترطوا هذه الموازنة.
و في الأخير أخي - رعاك الله بحفظه وعنايته - لك هذا الرابط تجد فيه كتا الشيخ ربيع بن هادي المخلي - حفظه الله - بعنوان منهج أهل السنة في نقد الرجال والكتب والطوائف .
و هذا الكتاب كما سبق وأشرت لك أن سماحة الوالد العالم النقاد بن باز - رحمه الله وطيب ثراه - قال في كلمته :أما بعد:
فأشفع لكم رسالة جوابية من صاحب الفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حول كتابكم ((منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف ))، لأني قد أحلته إليه، لعدم تمكني من مراجعته، فأجاب بما رآه حوله، وقد سرني جوابه والحمد لله، وأحببت اطلاعكم عليه.
http://www.rabee.net/show_des.aspx?pid=1&id=15&gid=أسأل الله أن يجمعني وإياك في جنات النعيم على سرر متقابلين و أن ينفع بك الإسلام والمسلمين .
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .