الموضوع: لماذا يجيز الإسلام زواج المسلم بالكتابية ولا يجيز زواج غير المسلم
بالمسلمة؟
الكاتب: مركز الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية
الشبهة:
جاء في القرآن: {اليَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِبَاتُ وَطَعَامُ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ المُؤْمِنَاتِ وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} [المائدة 5]. تجيز هذه الآية أن يتزوج المسلم بغير المسلمة من أهل الكتاب بينما لا يجيز الإسلام أن تتزوج المسلمة بالمسيحي، وفي هذا ازدوج في المعايير.
الرد عليها:
كل شريعة من الشرائع السماوية أو الأرضية فيها مجموعة من التشريعات المميزة لها والخاصة بها، وانصياع أصحاب الديانات إلى تشريعات دياناتهم مرده ومرجعه إلى الإيمان بأصول هذه الأديان.
ومسألة منع المسلمة من الزواج بغير المسلم مع إجازة ذلك للمسلم هي مسألة تشريعية تعبدية ينبع الإيمان بها من الإيمان بالعقيدة ومصادرها قرآنًا وسنة.
قال الله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [البقرة 221] أي لا يجوز للمسلم أن يتزوج الْمُشْرِكة، ولا يجوز للمُشْرِك أن يتزوَّج المسلمة.
ونحن إذا ذكرنا بعض التبريرات العقلية لذلك الحُكم فإنا لا نقول إن هذه التبريرات هي العلل الحقيقة التي لأجلها شُرِع ذلك الحكم، بل هي مجرد حِكَم نذكرها قد توجد في حالة دون حالة ووقت دون وقت، لكن لا شك أن مراعاتها من محاسن الشرع الشريف.
فالزواج ولاية وقوامة، والزوجة عليها طاعة زوجها فلو تزوجت المسلمة غير المسلم لتعارضت طاعتها له مع طاعتها لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فيمكن أن يكون المسلم وليًّا وقوَّامًا على زوجته الكتابية. بينما لا يمكن أن يكون غير المسلم وليًّا أو قوَّامًا على المسلمة.
والزوج متى كان مسلمًا فإن من أركان إيمانه أن يؤمن بأنبياء الله تعالى، بينما غيره لا يؤمن بأن سيدنا محمدًا رسول من عند الله تعالى، فالمسلم لا يمكن أن يصدر منه ما يمس أنبياء الله تعالى بسوء بل يحترمهم كما يحترم نبيه، أما غير المسلم فليس فقط ينكر رسالة نبينا صلى الله عليه وسلم بل قد يتعدى إلى السباب والانتقاص، فكيف تعيش زوجة تحت رعاية وسلطان زوج لا يؤمن بدينها، بل يحتقره؟
وليس هذا الحكم خاصًّا بشريعة الإسلام، فهذه المسيحية لا تسمح لأتباعها من النساء أن يتزوجن من غير أتباع ديانتهن من الرجال، فقد جاء في الكتاب المقدس: "لا تكونوا تحت نير([1]) مع غير المؤمنين؛ لأنه أية خلطة للبر والإثم وأية شركة للنور مع الظلمة* وأي اتفاق للمسيح مع بليعال، وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن* وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان فإنكم أنتم هيكل الله الحي كما قال الله: إني سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلها وهم يكونون لي شعبا* لذلك اخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرب: ولا تمسوا نجسا فأقبلكم} [2كورنثوس6: 14-17]
----------------------------
[1]) نير: تعني خيط أو علم في الثوب راجع لسان العرب 5/246 والمعني: لا تكن في ثوب واحد مع غير المؤمن بالمسيحية، ولذلك فإنهم يعدون من شروط صحة الزواج أن يكون كلا الزوجين مؤمن بالمسيحية.
الجمعة يناير 04, 2008 10:29 pm
