هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أشارات على الطريق(على القرنى)3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
همام(فارس الإسلام)
مشرف
مشرف
همام(فارس الإسلام)


عدد الرسائل : 167
تاريخ التسجيل : 21/11/2007

أشارات على الطريق(على القرنى)3 Empty
مُساهمةموضوع: أشارات على الطريق(على القرنى)3   أشارات على الطريق(على القرنى)3 I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 18, 2007 9:57 pm

االإشارة العلم الشرعي والعمل به ضرورة للمسافر الثالثة

به يعرف السهل من الطريق الوعر، به يميز إشارات الطريق وعوائقه، به يعرف الله ويعبد ويذكر ويوحد ويحمد ويمجد، به يعرف الحلال من الحرام، به توصل الأرحام، فهو أساس السفر ولا بد، بل هو أشرف مطلوب، وأفضل مرغوب، وأنفع زاد يقتني لمسافر مكدود، ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)(الزمر: من الآية9).
لا يكون العلا مثل الدنا ......... لا ولا ذو الذكاء مثل الغبي
ومن تدرع بالعلم حفظ ومنع، وحاز قصب السبق وارتفع وبرع (ولما كان المجاهد لا ينكأ عدوا إلا بسلاح وعدة فكذلك المتعلم والمعلم لا يصنع أمة ولا يكشف غمة ولا يزيل ظلمة إلا إلا بعلم وعمل من أثر أو سنة (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )(الأحزاب: من الآية21.
ومن لا يربيه الرسول ويسقه ....... لبنا له قدر من ثدي وحيه
فذاك لقيط ما له نسبة الولا ........ ولا يتعدى طور أبناء جنسه
العلم وسيلة، والعمل ثمرة، العلم أساس البناء، والعمل ثمرة الغرس ، والبناء من غير أس لا يبنى، والثمر من غير غرس لا يجنى، فاعلم أخي ولا تنس.
فما تنفع الخيل الكرام ولا القنا ........... إذا لم يكن فوق الكرام كرام
العلم أبلغ من القول ( وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)(العنكبوت: من الآية43) ، والناس أبناء ما يحسنون، وفعل رجل في ألف رجل أبلغ من قول ألف رجل في رجل، (ومهما كان العالم وطالب العلم والداعية فصيحا بليغا مؤثرا بارعا فإن كلامه لا يتجاوز الآذان ما لم يعمل به، حتى إذا عمل به دبت فيه الحياة؛ دبت بكل كلمة ينطق بها، واتجهت كل جملة كأنها قذيفة ترههف آذان الغافلين، وتوقظ ضمائر المتغافلين، وتصبح دروسه وخطبه ومواعظه برنامجا عمليا يتقبله الناس راضين به عاملين مذعنين) لا يغني العلم شيئا لوحده، لأن العلم لا يعمل وحده، إنما هو بمن يحمله ويعلمه.
يقول السيد قطب رحمه الله: ( إن الكلمة لتنبعث ميتة، وتصل هامدة، مهما تكن طنانة رنانة متحمسة، إذا هي لم تنبعث من قلب يؤمن بها، ولن يؤمن إنسان بما يقول حقا إلا أن يستحيل هو ترجمة حية لما يقول، وتجسيما واقعيا لما ينطق ... عندئذ يؤمن الناس، ويثق الناس، ولو لم يكن في تلك الكلمة طنين ولا بريق .. إنها تستحيل يومئذ دفعة حياة لآنها منبثقة من حياة).
وعادة السيف أين يزهي بجوهره ......... وليس يعمل إلا في يد بطل
والذين يعلمون ثم لا يعملون أو يعملون بخلاف ما يقولون ويعلمون بئس ما يصنعون، إنما هي أوعية للعلم يسيرون ثم لا ينفعون بل قد يضرون، جلسوا على باب الجنة – كما يقول ابن القيم رحمه الله -: (يدعون إليها الناس بأقوالهم، ويدعون إلى النار بأفعالهم، كلما قالت أقوالهم: هلموا اسمعوا، قالت أفعالهم: افرنقعوا لا تسمعوا لو كان حقا ما يدعون إليه كانوا أول المستجيبين له، فهم في الصور هداة مرشدون أدلاء، لكنهم في الحقيقة قطاع طرق). أذلاء وما هم بأجلاء، بئس ما يصنعون. (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (الجمعة:5). ما يغني الأعمى معه نور الشمسي لا يبصرها، وما يغني عن العالم كثرة العلم لا يعمل به، إنما هو كالسراج يضيء البيت ويحرق نفسه، عليه بوره ولغيره نوره، يحق عليه قول القائل:
فأسعدت الكثير وأنت تشقى ......... وأضحكت الأنام وأنت تبكي
خير من القول فاعله وخير من الصواب قائله :
ومن العجائب والعجائب جمة ......... قرب السبيل وما إليه وصول
كالعيس في البيداء يقتلها الضمأ ...... والماء فوق ظهورها محمول
( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ )، قول الله في سورة النساء، عملوا بمقتظى ما عملوا ( لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً * وَإِذاً لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً) (النساء:66 - 68) ، كم وكم ؟ من قدوات ظاهرا لم تعمل بمفتضى ما عملت فسقطت وتكشفت على الطريق فيما بين غمصة عين وانتباهتها، لعل ابن عيينة رحمه الله يعنيها بخطابه يوم يقول: لا تكون كالمنخل يخرج الدقيق الطيب ويمسك النخالة، تخرجون الحكمة من أفواهكم ويبقى الغل في صدوركم، إن من يخوض النهر لا بد أن يصيب ثوبه وإن إجتهد ألا يصيبه، فويحكم ثم ويحكم ثم ويحكم.

أيها المسافر على علمSadلا تشغل نفسك بأدنى العلوم دون اعلاها وأسماها وأنت قادر عليه، فإني لأربأ بك أن تكون كزارع الذرة في الأرض التي يجود فيها البر أو كغارس الشعراء حيث يزكو النخل والتين والزيتون) ، فتسبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير. ثم أصغ سمعك للشوكاني رحمه الله وهو يخاطبك فيقول: ( استكثر من العلم الشرعي زادا لك ما شئت، وتبحر في الدقائق مخلصا ما استطعت، واجب من عذلك أو خالفك بقول من صدقك.
أتانا أن سهلا ذم جهلا علوما ......... ليس يدركهن سهل
علوما لو دراها ما قلاها ولكن ....... الرضا بالجهل سهل
أما قد علمت وعملت فإن من مفتضى العلم أن تدعو غيرك إلى العلم الذي عرفته بالحجة والبرهان على بصيرة وهدفك إخراج من تدعوه ونفسك من الظلمات إلى النور من الانحراف إلى الاستقامة التي تنال رضى الله بها في الدنيا وفي الآخرة .
هذا شيخ الإشلام ابن تيمية رحمه الله يفسر قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ)، فيقول : ( فواجب على الأمة أن يبلغوا ما أنزل إليه، وينذروا كما أنذر، قال الله تعال: ( فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة:122). والجن لما سمعوا القرآن (وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ)(الاحقاف: 29).
وهذا تلميذه الإمام المحقق ابن القيم الجوزية رحمه الله يقول : ( وتبليغ سنته صلى الله عليه وسلم إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو، لأن تبليغ السهام يفعله كثير من الناس، واما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء ، وخلفائهم في أممهم ، جعلنا الله تعالى منهم بمنه وكرمه).
وليسيت هذه المنزلة العليا في الدنيا إلا منزلة الدعوة إلى الله، ووراثة وظائف النبوة، التي ليس أشرف منها إلا منزلة النبوة نفسها وهذا الإمام أبو الفرج بن الجوزي رحمه الله تعالى يناديك: (ألست تبغي القرب منه؟ فاشتغل بدلالة عباده عليه، فهي حالات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أما علمت أنهم آثروا تعليم الخلق على خلوات التعبد، لعلمهم أن ذلك آثر عند حبيبهم ) و (هل كان شغل الأنبياء إلا معاناة الخلق، وحثهم على الخير، ونهيهم عن الشر).
وها هو رحمه الله يقارن بين الشجعان يخالطون الناس لدعوتهم، ويصبرون على أذيتهم، وبين المتخاذلين المعتزلين القاعدين عن الدعوة إلى الله تعالى ، فيقول : (الزاهد في مقام الخفافيش، قد دفنوا أنفسهم بالعزلة عن نفع الناس ، وهي حالة حسنة إذا لم تمنع من خير ، من جماعة واتباع جنازة وعيادة مريض، إلا أنها حالة الجبناء . فأما الشجعان فهم يتعلمون ويعلمون . وهذه مقامات النبياء عليهم السلام) .
إن الحاجة إلى الدعوة ماسة، لأن العقول لا تستطيع وحدها إدراك مصالحها التي تكفل لها في الدنيا الآخرة ، لأنها لا تُهدى وحدها إلى تمييز الخير من الشر ، فكثيرا ما يبدو لها الشر في لباس الخير فتقع فيه، وكثير ما يظهر لها الخير في صور الشر فتعرض عنه (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:216) فمهما توسعت أفهام الإنسان ومداركه ومعارفه فإنه يبقى قاصرا محدودا ومن ثم كان لا بد من الدعوة على أيدي الرسل وأتباعهم.
فإذا اتضح الهدف سرت في هذه الحياة على هدى وعندها بادر بعمل دؤوب في طموح وجدية وأخذ بقوة تستشعر قوله الله تعالى : (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ً) (مريم:12)، وقوله: (خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ) (البقرة:63).
((خذوا ما أتيناكم بقوة )).
إذا كان ما تنويه فعلا مضارعاً .......... ألا فاجعله ماضيا بالجوازم
في ثبات ومسارعة ( اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي) (طـه:42)، (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) (الانبياء:90)، في تدرج وأناة واعتدال ومداومة (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) (الشرح:7-Cool، في شجاعة وعدم تهيب وتردد.
ومن يتهيب صعود الجبال .......... يعش أبد الدهر بين الحفر
في بصيرة وفرقان بإتقان (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ )(يوسف:108)، في استشارة حازم (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)، في عزيمة وتصميم مع وتوكل دون تسفيه رأي أو إنقاص قدر (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ)(آل عمران:159)
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ......... فإن فساد الرأي أن تترددا
إذا كنت ذا عزم فأنفذه عاجلا .......... فإن فساد العزم أن يتقيدا
إذا هممت فبادر، وإذا عزمت فثابر، واعلم أنه لا يدرك المفاخر من رضي بالصف الآخر . ما كل من طلب المعالي نافذا ......... فيها ولا كل الرجال فحول
وعلى الطريق تضع لك حاديين مرعبين حافزين.
أحدهما : قول الله : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت:33).
وثانيهما : قول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ((من دعى إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا)).
إن هدى الرحمن شخصا واحد ........ بك خير لك من بحر درر
وهو خير لك عند الله من ............. ما بدا للشمس أو نور القمر
((لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم )) متفق عليه.
فإن لم ينفع الحاديان، فعلى الطريق وعيدان محذران لها أن تثير في نفسك الشعور بخطر الفتوروالتهاون والكتمان .
أحدهما : ما اخرجه البخاري ومسلم – رحمهما الله – عن ابي هريرة رضي الله عنه أنه قال: ((إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة ولولا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا. ثم تلا ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) ، وتلا (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) )) (البقرة: 159-160)
وثانيهما : ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((من كتم علما ينتفع به جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار )). ورواه أبو داود في كتاب العلم والترميذي بلفظ: (( من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة)) قال الترميذي حديث حسن صحيح.
فهل يجوز سكوت ........ أو يستساغ النمير
الخطب خطب عظيم ...... والأمر أمر خطير
فإن لم يحرك فيك الوعد ولا الوعيد ، ولا الترغيب ولا الترهيب، إذ تبلد الإحساس فلا مساس، فقف على أخبار أهل الأهداف، علك أن تشتبه بهم، فيثور فيك الحماس على أساس.
( في مؤتة خؤج جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه زيد وجعفر وابن رواحة رضي الله عن الجميع، هدفهم : (إن هي إلا إحدى الحسنيين، إما النصر أو الشهادة في سبيل الله ) فلما ودعهم المسلمون قالوا: صحبكم الله بالسلامة ودفع عنكم وردكم إلينا صالحين. فقام عبد الله بن رواحة وقال :
لكنني أسأل الرحمن مغفرة ......... وضربة ذات فرع تقذف الزبدا
أو طعنة بيد حران مجهزة ......... بحربة تنفذ الأحشاء والكبد
حتى يقال إذا مراوا على جدثي ..... يا أرشد الله من غاز وقد رشدا
ولما رأى المسلمون جموع الروم – الجموع الكبيرة – نظروا في أمرهم وقالوا : نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نخبره بعدد عدونا، فقام إبن رواحة فقال : والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون، وما نقاتل الناس بعدد ولا عدة إنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين إما ظهور وإما الشهادة .
تلذ له المروءة وهي تؤذي ........ ومن يعشق يلذ له الغرام
فقاتل القوم وعليهم زيد، فلم يزل يقاتل حتى شاط في رماح القوم وخر صريعا رضي الله عنه وأرضاه . أخذ الراية جعفر فقاتل بها حتى إذا أرهقه القتال اقتحم عن فرسه فعقرها لئلا ينتفع بها العدو، ثم قاتل وهو يقول :
يا حبذا الجنة واقترابها ........ طيبة وبارد شرابها
والروم روم قد دنا عذابها ..... كافرة بعيدة أنسابها
عليّ إذا لاقيتها ضرابها
فقطعت يمينة، فأخذ الراية بيساره، فقطعت فاحتضن الراية حتى قتل كالأسد . رحمة الله على ذاك الجسد. ثم أخذهاإبن رواحة كالليث، ونالته الجراح -وأي جراح- فحاله:
هل أنت إلا إصبع دميت ......... وفي سبيل الله ما لقيت
(ثم قاتل ثابتا رضي الله عنه وأرضاه حتى قتل، فأخذ الراية سيف الله خالد ففتح الله على يديه ).
أخرجوا الدنيا من قلوبهم، وقطعوا أسباب التعلق بها عن أنفسهم، فكان الإقتحام، وكانت الشهادة وكان الفوز بالجنة، وهكذا أمر العاقل اللبيب، لا يبيع الياقوت بالحصى، ولا يرى لنفسه ثمنا إلا الجنة، الطريق شاق وتكاليف وعوائق، فمن لم يجمع همته، ويعلي إدارته، ويقوي عزيمته، ويتخفف من دنياه فلن يستطيع بلوغ أهدافه وغايته .
ومن تكن العلياء همة نفسه ............ فكل الذي يلقاه فيها محبب
ولم يتأخر من أراد تقدما .............. ولم يتقدم من أراد تأخرا
ويذكر الذهبي في سيريه: ( أن نور الدين الشهيد لما نزل دمياط بقي عشرين يوما صائما لا يفطر إلا على الماء، فضعف وكاد يتلف، ولما التقى العدو وخاف على الإسلام، انفرد في ناحية من الجيش ومرغ وجهه في التراب وقال يا رب، من نور الدين؟ الدين دينك والجند جندك وافعل يا رب ما يليق بكرمك فنصره الله نصرا مؤزورا).
كان ذا همة عالية، كان هدفه وهاجسه فتح بيت المقدس وتطهيره من الصليب. قام في حلب بعمل منبر عظيم لينصبه في بيت المقدس حينما يفتحه وكان الناس يسخرون منه يوم يمرون عليه وهو يفعل ذلك فلم يلتفت إليهم وحاله كحال نبي الله نوح يوم يصنع الفلك (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا (هود:38)، كان يريد بذلك المنبر بث الروح، وبعث الهمم، وتبديد اليأس المخيم على القلوب، ولقد حقق الله له أمنيته، وفتح بيت المقدس، ونصب له منبره بعد وفاته، نصب على يدي تلميذه صلاح الدين وكان بين عمل المنبر وحمله ما يزيد على عشرين سنة . والسيف يبلغ ما لا يبلغ الكلم .

إن لم يحرك فيك الوقوف على سير أصحاب الهمم السامية ساكنا، إذا قد صرت جلمودا ساكنا، فانظر إلى أهل الدنيا في دنياهم، وخذ منهم حافزا لذلك، كيف يكدحون ليلهم ونهارهم في تعاملهم مع الدرهم والدينار؟ أفلا حياء من الله أن يكون هؤلاء أعظم تجلدا منك وانت تتعامل مع الله الكبير المتعال ثم تتقاعس .

فإن لم يحرك فيك أهل الدنيا وكدحهم في دنياهم شيء فانظر إلى الكفار، إلى حطب جهنم كيف يلهثون وراء أهدافهم المؤقتة، ويتفانون لها مع أنه لا عقبى لها،:
هاهو مخترع الكهرباء يترك المدرسة بعد أن وصفه معلمه بأنه ليس مؤهل للاستمرار في المدرسة، وتذهب أمه إلى المدرسة متألمة لمواجهة معلمه لتقول له: إنك لا تعرف معنى ما تقول، وكل المشكلة أن إبني أذكى منك، ثم أخذته وعلمته في بيتها حتى أعطته من علوم الدنيا وعلوم المادة ما يستطيع أن يستمر به، فلم يفل عزمه مع طرده من المدرسة بل تراه يثابر ويكافح ويبدأ في تجاربه ( ليخترع المصباح الكهربائي بعد تسعة ألاف تجربة )، بعمل يتراوح بين ثمان عشر ساعة وعشرين ساعة في اليوم، في جلد عجيب ، ثم لم يتوقف بعدها بل أن النجاح – كما قيل- يجر إلى النجاح فينطلق بعد عشر سنوات في البحث والجهد في تجارب بلغت خمسين ألف تجربة، بتكلفة ثلاثة ملايين دولار ليخترع بطارية السيارات وأجهزة الإشارة في سكك الحديد وإضاءة الغواصات، ويسأل متى الإجازة يا أديسون ؟ قال: في اليوم ا لذي يسبق جنازتي.
هل استفاد أديسون من إضاءة المصابيح واختراع البطارية؟ هل استفاد فائدة؟ نعم! استفاد شهرة واستفاد مالا ، لكنها مؤقتة تزول وتنتهي، لا تنفعه عند الله، لأنه لم يقل يوم من الأيام: (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) (الشعراء:82)، (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً) (الفرقان:23)، أفلا حياء من الله أن يكون كافر مثل هذا أشد تجلدا لأهدافه المؤقتة الوضيعة من مؤمن يؤمن بالله والدار الآخرة؟ خيبة وخسارة وخذلان.
أدنى الفوارس من يغير لمغنم .......... فاجعل مغارك لمكارم تكرم
أيها المؤمنون لا تتوانوا ............... فالتواني وسيلة للتباب
فإذا المصلحون في القوم ناموا ........ نهضت بينهم جيوش الخراب
فإن كنت مع هذا كله لم تتحرك، إذ أنك ثمل الهمة، مقعد العزيمة، بليد الذهن، يحق عليك قول القائل: يخبرني البواب أنك نائم ........ وأنت إذا استيقظت أيضا فنائم
لم يحرك فيك ما مضى ساكنا، فلا تبرر قعودك، ولا تبرر ضعفك، ولا تبرر خورك، فإن ذلك أقبح من ضعفك وأشنع من خورك وقعودك، ولكن سل الله أن يرفع ما بك فهو خير لك .
يجلس بعض المتخاذلين عن تبليغ دين الله ونشره شبعان ريان متكئا على أريكته حتى إذا ما طلب منه نصرة دينة ولو بكلمة أو كلف بأبسط مهمة لخدمة دينه انبرى يتهرب من المسؤولية ويورد لك الأدلة الصحيحة على أن واقع المسلمين سيكون ضعيفا وسيئا في المستقبل ولا بد من العزلة، فيوقعها على حاله فإذا به ينبري ويقول: إن رسول الله صلى اله عليه وسلم قال: ((يوشك ان يكون خير مال المرء المسلم غنم يتتبع بها شعف الجبال ومواضع القطر يفر بدينة من الفتن)). ويقول صلى الله عليه وسلم : ((لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده أشر منه حتى تلقوا ربكم)).
وهكذا دواليك . يبرر قعوده ولا يعمل بمقتضى الحديث الذي لا ينطبق على زمانه حقا، ولم يفهمه في ضوء النصوص الأخرى، فاول ما يجنى عليه اجتهاده. تعود نقض العزائم فحيل بينهم وبين الغنائم ويجلس الآخر شبعان ريان متكئا على أريكته حتى إذا ما عاتبته في التخاذل عن تبليغ دين الله واستغراقه في اللهو والترف، انطلق في القذيفة مردداً: ((ياحنظلة ساعة وساعة)) وكأنه لا يعرف من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم غير هذا.
إن لم تقم بالعبء أنت ...... فمن يقوم به إذن
إن الذين لا تغلي دمائهم ولا تلتهب نفوسهم ولا تهتز مشاعرهم لخدمة هذا الدين لا يعقد عليهم أمل، ولا يناط بهم رجاء أموات غير احياء والميت لا يحس بالأوجاع وما يشعرون أيان يبعثون . إن النائم يوقظ، والغافل يذّكر، والذي لا يجدي فيه التذكير ولا التنبيه فهو ميت وإنما تنفع الموعظة من أقبل عليها بقلبله (ً وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ) (غافر:13)



* * * * *
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




أشارات على الطريق(على القرنى)3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أشارات على الطريق(على القرنى)3   أشارات على الطريق(على القرنى)3 I_icon_minitimeالجمعة مارس 07, 2008 1:38 am

أشارات على الطريق(على القرنى)3 Dear%20(1)
أشارات على الطريق(على القرنى)3 632-GodBlessU-AbeerMahmoud
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أشارات على الطريق(على القرنى)3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أشارات على الطريق(على القرنى)1
» الطريق إلى الراحة
» الطريق إلى الله
» سلسلة الطريق الى الجنة - للشيخ نبيل العوضي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الـمـكـتــبــة الإســلامــيــة :: كتب اسلامية-
انتقل الى: