يلا ندعي الناس !!!!!!!!

الإجازة الصيفية.. أخي الداعية: اغتنم الفرصة
تعتبر الحالة النفسية والمزاجية التي عليها المدعو أحد العوامل المهمة التي يتوقف عليها نجاح وصول الدعوة إليه، والداعية الناجح هو الذي يتحيَّن الوقت والظروف التي يُبلِّغ فيها دعوته لشريحةٍ معينةٍ بخصوص موضوع معين ليرفع درجة الاستقبال عند المدعو إلى أقصى درجة ممكنة تساعده على أن يصل بأفكاره إلى من يريد؛ لتأخذ طريقها إلى حيز العمل والتطبيق.
وربما تتأثر الدعوة سلبًا بعوامل تضغط على المدعو رغمًا عنه، مثل ظروف الدراسة، سواء كانت خاصة بالطلبة الدارسين أو أولياء الأمور الذين يظلون في حالة متابعة دائمة لأبنائهم وتفكير شبه متواصل في كيفية توفير المال اللازم لإتمام عملية تعليم الأبناء.
وربما يكفي عامل واحد فقط مثل عامل الدراسة كي يجعل الداعية يعاني من ضيق الوقت الذي يريد أن يلتقيَ فيه بمن يدعوهم، وإذا التقاهم عانى من عدم التفاعل الكافي بما يقول؛ نظرًا للانشغال الذهني بمشكلات التعليم ومتطلباته التي لا تنتهي، وإذا انتقل إلى شريحة أولياء الأمور وجدهم يدورون في فلك الظروف الاقتصادية التي يعاني منها الجميع، والتي تجعل اقتناص ساعة أو ساعتين في اليوم من أجل النزهة أو الجلوس مع الأسرة أمرًا صعب المنال.
إلا أن هذه المعوقات تزول بنسبة لا تقل عن 80% في فترة الإجازة الدراسية؛ ففيها تتوفر ثلاثة عوامل مهمة يحتاجها الداعية بشدة لإنجاح دعوته:الأول: الوقت.. فلم يعد هناك أزمة في ضيق الوقت بالنسبة للطالب، وأصبح أولياء الأمور في سعة نسبية من وقتهم نتيجة سقوط عنصر متابعة الأبناء في دراستهم.
الثالث: اتساع الشريحة المنوطة بالدعوة.. فلقد أصبحت شريحة الطلبة مهيَّأة تمامًا لاستقبال الخطاب الدعوي، وأصبح الآباء في حالة استعداد نسبي للاستماع، وربما التفاعل مع الأنشطة الدعوية أكثر من ذي قبل، وهو أمر يسبب انتعاشًا للدعوة عنها في موسم الدراسة.
كل هذه العوامل تجعل فترة الإجازة الصيفية فترةً ذهبيةً لزيادة النشاط الدعوي، وتتيح الفرصة لشرائح مختلفة؛ لاستقبال مفاهيم الإسلام بروية والتفكير فيها بتمعن والتفاعل معها بصورة تضعهم على أول طريق التغيير.
وعندما لا يدرك الداعية قيمة إجازة صيفية مدتها ثلاثة شهور من الممكن أن تعادل في تأثيرها الدعوي تسعة شهور كاملة من الدراسة وربما تفوقها.. يكون قد وقع في خطأ دعوي كبير يفوِّت عليه فرصة ذهبية في الوصول بدعوته إلى الناس، ويحرم الناس من فرصة ذهبية لمعرفة رسالة الدين العظيم.
من هنا.. وجب على الداعية الناجح أن يستعد لهذا الموسم الدعوي استعدادًا جيدًا ربما قبل بدء الإجازة بشهر على الأقل ليراعيَ النقاط التالية:
1- التخطيط: فلا بد من التخطيط الجيد للبرنامج الدعوي في الإجازة، والتخطيط عبارة عن وضع أهداف مناسبة واقعية تناسب الشرائح المختلفة المستهدفة بالدعوة، ثم وضع وسائل فعَّالة تُحقِّق هذه الأهداف بصورة عصرية جذابة تتناسب مع روح العصر وتتسم بالبساطة والواقعية والقابلية للتطبيق في الحياة العملية، ثم ترجمة كل ذلك في جداول زمنية دقيقة تسهل متابعة تنفيذها.
2- الابتكار: في ملء وقت فراغ الشباب بما يبعدهم عن هجوم الفراغ المدمِّر عليهم في فترة الإجازة؛ فالنفس إن لم تشغلها بالحق شغلت نفسها بالباطل، والباطل اليوم أصبح سهلاً ومتاحًا وقريبًا وممتدًّا طوال اليوم، والشباب بما لدية من طاقة لن يستسلم للسكون، إنما سيفرغ طاقته حتمًا، وعلى الداعية الناجح أن يجتهد في وضع برامج فعَّالة تستثمر طاقة الشباب فيما ينفعه ويفيده ويبعده عن المعصية ويُشعره دومًا أنَّ ما يفعله يصب في ميزان حسناته ويرفع درجاته عند الله يوم يلقاه.
3- التنوع:فينبغي ألا يقتصر الخطاب الدعوي على التزكية والإيمانيات فقط رغم أهميتهما البالغة، بل يجب أن يشمل كل جوانب الحياة؛ إيمانًا بأن الإسلام دين شامل؛ فيشمل الأنشطة الاجتماعية والخيرية والفكرية وتنمية المواهب والأنشطة الترفيهية أيضًا، كما ينبغي أن يتسم النشاط بالتفاعل والحركة وإمكانية تطبيق الكلام في الحياة العملية.

-أنشطة دعوية تناسب فترة الإجازة

تتسع الإجازة الدراسية لكافة أنواع الأنشطة الدعوية، إلا أن هناك بعض الأنشطة التي تتميز بها ويصعب وجودها في فترات أخرى، مثل:

فهو أحد الأنشطة المهمة التي تعزل الفرد عن المجتمع فترةً من الوقت؛ يتزوَّد فيها بإيمانيات عالية، وتتيح له فرصة التفكير في حياته ومراجعة حساباته مع نفسه بما يهيئه لتغيير حياته للأفضل.

الاعتكاف:

وهو من الأنشطة المهمة التي يحتاجها الجميع لزيادة الصلة بالله والتخفُّف من جذب الدنيا للإنسان وزيادة التعلق بالآخرة، وهي عوامل تصحح من مسار الإنسان، وتنمي فيه روح التوكل على الله، وتجعله أكثر هدوءًا وراحةً وأكثر قدرةً على تنفيذ تكاليف الإسلام.

وهي أنشطة تُشعر الناس بدور الإسلام في إغاثة الملهوف، ومد يد العون للآخرين، ومساعدة المحتاجين، وتُشعر من يقوم بهذه العمل بسعادةٍ يستمدها من رضا الله عليه، وتجعله يشعر بقيمته كإنسان في إنجاز شيء مفيد لمن حوله.

الأنشطة التربوية العملية:

مثل برامج عملية للطلبة على بِر الوالدين؛ يتم فيها تخصيص ساعة أو ساعتين يوميًّا لمجموعة من الطلبة للقيام بواجبات منازلهم بصورة جماعية في نفس الوقت، أو تنظيم برنامج لمساعدة المحتاجين في الشارع، أو تخصيص ساعتين في يوم يتم الاتفاق فيه على زيارة الأقارب وصلة الرحم، ثم التجمع مرةً أخرى وأخذ تقارير عن عما تم فعله من القائمين على العمل.

دورات في التربية والتنمية البشرية:

وهي أمورٌ أصبحت المجتمعات العربية في أمسِّ الحاجة إليها الآن لزيادة قدرتهم على تربية أبنائهم وتنمية المهارات لمواكبة متطلبات العصر.
إن بعض الدعاة يعاني من ضيق وقت من يدعوهم في وقت الدراسة؛ نظرًا لانشغالهم، فتتأثر دعوتهم بشدة، وهناك من يفاجأ باتساع الوقت بصورةٍ لم يتعوَّد عليها في فترة الإجازة الدراسية، فيعجز عن استثمار الوقت بالصورة المطلوبة.
والداعية الناجح هو الذي يستطيع أن يجعل خطابه الدعوي مواكبًا لانشغالات الناس في الأولى، ولديه من البرامج والأفكار ما يملأ فراغهم في الثانية.