همام(فارس الإسلام)
مشرف
عدد الرسائل : 167
تاريخ التسجيل : 21/11/2007
 | موضوع: أهمية فقه الواقع فى حياة المسلم  الخميس ديسمبر 18, 2008 5:25 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
هل هناك فرق بين داعية يعرف واقع أمته جيدًا، وآخر أغزر منه علمًا لكن معرفته بالواقع (بسيطة)؟!
يقول فضيلة الشيخ هشام عقدة حفظه الله: نعم يوجد فرق كبير، فشيخ الإسلام يقول: إذا أردت أن تحكم على طائفة من الطوائف، فلابد من معرفة حكم الشرع في أمثالهم، ومعرفة حالهم([1]).
لأنه لا يمكن أن تهتدي للصواب إذا كنت لا تعلم حال من حولك، وأنت تريد أن تفتي فيه، فالذي يتفهم الواقع حوله جيدًا هو الذي يعرف تحت أي حكم يندرج هذا الواقع، والذي لا يفهم الواقع جيدًا يدرجه تحت أحكام ونصوص وأحاديث صحيحة وآيات من كتاب الله تبارك وتعالى، مع أن هذا الواقع الذي يطبق عليه هذه الآيات والأحاديث مخالف تمامًا، فهو لا يعرف ما حوله.
وأذكر في ذلك أن بعض أهل العلم لما سئل عن الصلح مع إسرائيل؛ فسَأَل: كيف الصلح؟! فقيل: هو هدنة. فقال: هذا جائز، وفعله الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو مشهور كما في صلح الحديبية. وانتهى الأمر على ذلك.
ثم أتاه بعض طلبة العلم وقالوا له: يا شيخنا هل تدري ما البنود التي تضمنها هذا الصلح أو هذا الاتفاق؟! فذكر الشيخ مسألة تأجيل القتال أو وضع القتال فحسب، فقالوا: لا؛ هذه اتفاقيات يتم بها تطبيع العلاقات بين اليهود والمسلمين، وهناك بند يخص التعليم، وبند يخص الإعلام... وكذا وكذا؛ فذهل الشيخ من ذلك، وجعل يتعوذ بالله من مثل هذا الصلح، ومن مثل هذه الهدنة، وأن هذا أمر لا يجوز بحال من الأحوال؛ بل وصف بعض الجزئيات بأن ذلك من الضلال أو الموالاة للكفار وغير ذلك.
فهذا فرق عملي: فالإنسان قد يفتي في قضية كبيرة على مستوى الأمة، وتسير بفتواه الركبان، وربما كان شيخًا كبيرًا، ولكن الواقع الذي فهمه أن السؤال عن هدنة؛ كما كان المسلمون يهادنون أعداءهم فترة، أو أن المسلمين يؤجلون القتال في حالة الضعف إلى حالة القوة، ولم يدر أن السؤال تحته بنود كثيرة تؤثر على حياة المسلمين، في كل صغيرة وكبيرة، دينيًا وتعليميًا واقتصاديًا...إلخ.
ومثل ذلك بعض الدعاوى المعاصرة التي ظاهرها حسن بينما تنطوي على مقاصد ومعان خطيرة يعرفها من يفهم واقع هذه الدعاوى وأصحابها، كدعاوى الوسطية والاستنارة وقبول الآخر، وتطوير الخطاب الديني، فالوسطية المقصودة مثلاً هي الوسطية بين الإسلام والعلمانية، ولفظ الآخر يدخل فيه الكافر، وعلى هذا فَقِسْ.
| |
|
