هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ الجزء الثانى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
همام(فارس الإسلام)
مشرف
مشرف
همام(فارس الإسلام)


عدد الرسائل : 167
تاريخ التسجيل : 21/11/2007

ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ الجزء الثانى Empty
مُساهمةموضوع: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ الجزء الثانى   ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ الجزء الثانى I_icon_minitimeالخميس أكتوبر 16, 2008 12:44 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

فقد الإسلام للزمام بسبب انحطاط المسلمين وأثر ذلك في العالم



ولكن الأمور لم تستمر على ما هي عليه بالنسبة لقيادة الإسلام للعالم؛ إذ أخذ الانحطاط يدب في المسلمين لأسباب سنذكرها بمشيئة الله تعالى, وارتضت دول الإسلام لنفسها السير في المؤخرة, وفقد المسلمون الثقة بأنفسهم ومعاييرهم.. هذا الانحطاط الذي تردى إليه المسلمون فيما بعد لم يكن مجرد حدث يخصهم, بل هي مأساة إنسانية عامة لم يشهد التاريخ أتعس منها ولا أعم منها، فلم يكن انحطاط المسلمين مجرد انحطاط شعب أو ضياع سلطة دولة, وإنما هو انحطاط حمَلة رسالة هي للمجتمع البشري كالروح للجسد لا روح له غيرها، وانهيار دعامة يقوم عليها الدين والحياة.



فلو عرف العالم حقيقة هذه الكارثة, ولو عرف مقدار خسارته ورزيته وانكشف عنه غطاء العصبية لاتخذ هذا اليوم الذي وقعت فيه كارثة الانحطاط يوم عزاء ورثاء, ولبست الدنيا ثوب الحداد وتبادلت شعوب العالم وأممه التعازي.



ـ ولكن ذلك لم يتم في يوم, وإنما وقع تدريجيًا في عقود من السنين.. وكما قال أحد الأدباء: أمران لا يحدد لهما وقت بدقة، النوم في حياة الفرد والانحطاط في حياة الأمة، فلا يشعر بها إلا إذا غلبا واستوليا.



فكيف تم ذلك الانحطاط؟



إن القيادة الإسلامية تقتضي صفات دقيقة نجمعها في كلمتي الجهاد والاجتهاد، ومن مقتضيات هذا الجهاد أن يكون الإنسان عارفًا بالإسلام الذي يجاهد لأجله وبالكفر والجاهلية التي يجاهد ضدها معرفة صحيحة دقيقة، أما الاجتهاد فنزيد به أن يكون من يرأس المسلمين قادرًا على القضاء الصحيح في النوازل والحوادث التي تعرض في حياة المسلمين وفي العالم..



ولكن للأسف تولى هذا المنصب بعد عدة من الأئمة في الجهاد والاجتهاد رجال لم يعدوا له عدة ولم يتلقوا تربية دينية وخلقية كما تلقاها سابقهم، فلم يكن عندهم من روح الجهاد والاجتهاد ما يجعلهم يضطلعون بأمجاد الخلافة.. فكانت أول عروة نقضت من عرى الإسلام الحكم ـ كما أخبر صلى الله عليه وسلم ـ ومثال هؤلاء الخلفاء لم يكونوا إذن من العلم والدين بمكان يستغنون به عن غيرهم من العلماء وأهل الدين، فاستبدوا بالحكم والسياسة واستعانوا, إذ رأوا ذلك بالفقهاء كمشيرين أحيانًا، وتجاهلوهم أحيانًا؛ إذ لم يكن كثير من الخلفاء ورجال الحكومة أمثلة كاملة في الدين والأخلاق، بل كان في عدد منهم عروق للجاهلية ونزعاتها, فسرت روحهم ونفسيتهم في الحياة العامة.. وفي لفظ لمؤرخ أوروبي: بدأ الإسلام بالانحطاط ـ الصواب المسلمون أو في نظر أعدائه ـ وأن البشرية بدأت تشك في صدق القائمين بتمثيل الديانة الجديدة.



وصاحب ذلك أن الاعتناء بالعلوم الطبيعية التجريبية والعلوم العملية المثمرة لم يكن بقدر ذلك الاعتناء الزائد بعلوم ما وراء الطبيعة والفلسفات التي أخذت من اليونان, وكانت تلك الفلسفات من الأسباب التي أدت إلى أن يطرأ على النظام الديني بدع شغلت مكانًا واسعًا من حياة المسلمين, وشغلتهم عن الدين الصافي الصحيح الواضح، ولاشك أن ميزة هذا الدين في صفائه وحفظه وحجته، ولكن مع كل هذا كانت الطائفة التي لا تزال على الحق موجودة لا يضرها من خذلها، وتاريخ الجهاد والتجديد متصل وشامل الإصلاح لم تطفئه العواصف.



ففي القرن السادس الهجري منَّ الله على العالم الإسلامي ـ الذي دب فيه الضعف وتوزعه ملوك وأمراء في الأنحاء وطمع فيه الصليبيون ـ بقادة كبار حفظ الله بهم شرف الإسلام وعزته، حيث قيض الله للإسلام عماد الدين زنكي الذي قارع الصليبين وهزمهم في معارك كثيرة، وقام بعده ولده الملك العادل نور الدين محمود زنكي مصمم على إجلاء الصليبين من الشام واسترداد القدس للمسلمين، لكنه مات رحمه الله قبل إكمال المهمة، وخلفه الملك الناصر السلطان صلاح الدين الأيوبي ملك مصر الذي اجتمع تحت لوائه للجهاد أجناس كثيرة من المسلمين لم تجتمع من قبل، والتهبت شعلة الجهاد والغيرة الإسلامية وهزم الصليبين في حطين عام 583هـ هزيمة منكرة وكسر شوكتهم وفتح القدس في نفس العام.



وتراجع سيل الصليبين.. ورجعوا ليستعدوا للصليبية الجديدة في القرن التاسع عشر، وعاد المسلمون إلى سيرتهم الأولى من انقسام وتنافس وتطاحن وغفلة، ولم يرزق العالم الإسلامي بعد ذلك قائدًا مخلصًا للإسلام متجردًا للجهاد ومحببًا تجتمع حوله القلوب مثل صلاح الدين.



ومع هذا فقد كان المسلمون رغم انحرافهم عن سيرتهم الأولى وطريقهم المثالي أقرب إلى طريق الأنبياء، وكانوا رغم نقائصهم أكبر قوة في العالم تهابها الدول.. ولم تزل تضعف هذه القوة دون أن يشعر بذلك الأجانب، حتى إذا خضدت شوكة المسلمين في القرن السابع الهجري وسقطت بغداد في يد التتار وتمزقت دول الإسلام.. تجاسر الناس على المسلمين، وورث التتار والمغول تراث المسلمين، فكان خرابًا للعالم أن تتولى قيادته أمة جاهلة وحشية لا دين عندها ولا علم..



وفي ذلك الحين ظهر الترك العثمانيون على مسرح التاريخ, وفتح محمد الثاني القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية المنيعة وهو ابن أربع وعشرين سنة عام 857هـ ـ 1453م التي استعصت على المسلمين ثمانية قرون حوصرت فيها نحو ست مرات، فتفاءل المسلمون بقوة العثمانيين وأهليتهم في القيادة واسترداد مكانة المسلمين وقوتهم في العالم.. وفي سنة 1529م حاصر الجيش العثماني مدينة فيينا, ورافق توسع الدولة العثمانية وقوتها العسكرية، اقتصاد متين وإدارة دقيقة، وظلت الدولة قوية حتى كانت قادرة في سنة 1683م على أن تقوم بالحملة الثانية العظيمة على فيينا.



وكانت أوروبا كلها ترتعد منهم فرقًا, ويدخل ملوكها الكبار في ذمة ملوكهم، ويمسك أهل الديار عن قرع أجراس كنائسهم احترامًا للترك إذا نزلوا بها، وأمر البابا أن يحتفل بعيد, وأن تقام صلوات الشكر لمدة ثلاثة أيام لما أتاه نعي محمد الفاتح. لكن لم يدم حال الترك على ما كان عليه، بل أخذوا في الانحطاط والتدلي؛ إذ دب فيهم داء الأمم من قبلهم؛ الحسد والبغضاء, واستبداد الملوك وجورهم وسوء تربيتهم وفساد أخلاقهم, وخيانة الأمراء وغشهم للأمة، وإخلاد الشعب إلى الدعة والراحة, وقد كانوا أحوج إلى العمل بوصية عمرو بن العاص رضي الله عنه للمسلمين في فتح مصر: واعلموا أنكم في رباط إلى يوم القيامة لكثرة الأعداء حولكم وتشوف قلوبهم إليكم وإلى داركم.



ولكن الترك وقفوا وتقدم الزمان, وتخلفوا وسبقت الأمم الأوروبية, حيث حدث في أوروبا صراع عنيف بين الدين ممثلاً في الكنيسة والعلم، وذلك لما بدأ العلماء في دراسة الطبيعة بواسطة المشاهدة والاختبار والتحليل.. ومضى العلماء غير عابئين بالدين المحرف والخرافات الكنسية، وكان القرن السادس عشر والسابع عشر قرني استيقاظ لأوروبا من هجعتها, وأخذت في الاستفادة من القوة الطبيعية المسخرة والتعرف على أسرار الكون والكشف عن بحار وقارات مجهولة, وتفتح فتوحًا جديدة من نواحٍ شتى من نواحي الحياة, بينما كانت تركيا في آخر القرن الثامن عشر بمعزل عن الصناعات والاكتشافات، حتى شاهدوا بالونًا يحلق فوق العاصمة ظنوه من أعمال السحر. وما زالت أوروبا تسبق باختراعاتها وحسن تنظيمها حتى هزمت جيوشها الجيوش العثمانية هزيمة منكرة سنة 1774م, فانتبهت الدولة العثمانية بعض الانتباه، وعُني السلطان سليم الثالث في فجر القرن التاسع عشر بالإصلاح, وأخذ في تأليف جيش على الطراز الحديث، وتقدمت تركيا بعض التقدم, ولاشك أنها بقيت على علتها الأخيرة حصنًا منيعًا للإسلام يمنع من تدخل القوى الأجنبية الغربية في هذه البلاد وعبثها عبث اللاعب بكرة القدم واعتدائها على مقدساتها.



وقد بقي الوضع على ذلك إلى عهد السلطان عبد الحميد الثاني، فقد أخفقت كل محاولة نصرانية وكل مؤامرة يهودية ضد المقدسات الإسلامية في عهده, إلى أن نشبت الحرب العالمية الأولى 1914ـ 1918م, واستطاع الغرب ضم العرب إلى معسكرهم وإثارتهم على الأتراك, وسولوا لهم فكرة القومية العربية, وانفصلت عن الخلافة العثمانية، وأصبحت دولاً وإمارات متعددة عاشت تحت الانتداب البريطاني مدة طويلة.. وفي تركيا قام العلماني مصطفى كمال أتاتورك بإسقاط الخلافة هناك, ولما استقلت الدول العربية عن الحكم البريطاني لم تبق هناك خلافة أو يد قوية تحميها ولا سطوة عالمية تخشى وترهب, وقامت إسرائيل في حضانة وحماية القوى الأوروبية ثم الأوروبية والأمريكية في قلب العالم العربي والإسلامي, واستطاعت أن تمتلك القدس لأول مرة في التاريخ، والعالم العربي والإسلامي لا يملك دفعًا ولا منعًا، ويردد المثل العربي القديم: أكلت يوم أكل الثور الأبيض, أي الخلافة العثمانية ـ والمثل قاله عليّ يشير إلى قتل عثمان رضي الله عنهما ـ وقد كانت نهاية الخلافة العثمانية أكبر انتصار للصليبية الأوروبية واليهودية العالمية كما هو مشاهد, وقد تركت فراغًا لم يملأ بعد.



وكان من الآثار النكدة لتحول القيادة إلى أوروبا أن انساحت في العالم نزعات وآثار خبيثة من: إيمان بالمحسوس وحده, وعدم تقدير ما يقع تحت الحس، ومن قلة الدين والخشوع، ومن النزعات الوطنية والعصبية، ومن المادية الجامحة وشدة الاعتداد بالدنيا والاهتمام الزائد بمنافعها ولذائذها, ولا يخفى أن ديانة أوروبا اليوم الواقعية هي المادية لا النصرانية, يعلم ذلك من عرف النفسية الأوروبية عن كثب, وهذا لا ينفي كرههم للإسلام ومحاربتهم للمسلمين من باب حرب عقيدة الإسلام, أما أن يكونوا هم متدينين حقًا فهذا أمر شاذ كما يقول الأستاذ الألماني المهتدي محمد أسد في كتاب "الإسلام على مفترق الطرق": لاشك أنه لا يزال في الغرب أفراد يعيشون ويفكرون على أسلوب ديني, ويبذلون جهدهم في تطبيق عقائدهم بروح حضارتهم, ولكنهم شواذ، إن الرجل العادي في أوروبا ديمقراطيًا كان أو فاشيًا، رأسماليًا كان أو اشتراكيًا، عاملاً باليد أو رجلاً فكريًا، إنما يعرف دينًا واحدًا، وهو عبادة الرقي المادي والاعتقاد بأنه لا غاية في الحياة غير أن يجعلها الإنسان أسهل، وبالتعبير الدارج (حرة مطلقة)[1]. ويقول أيضًا: إن الحضارة الغربية لا تجحد الله في شدة وصراحة، ولكن ليس في نظامها الفكري موضع لله في الحقيقة، ولا تعرف له فائدة، ولا تشعر بحاجة إليه. اهـ.



وساعدهم في وجهة نظرهم هذه جميع مسائل الإنسان, وزاد الطين بلة النظرية التي ظهرت في القرن التاسع عشر عن ارتقاء الإنسان، وكونه حيوانًا مترقيًا عما دونه من الحيوانات، وترتب على هذا فساد الحياة المنزلية كما يقول أحد علماء الإنجليز ـ مستر شبرد ـ: لقد ظهر في إنجلترا جيل من الناس يجهل الحياة المنزلية جهلاً باتًّا، ولا يعرف غير حياة القطعان والبهائم. ومع تلك المادية والحيوانية سادت العصبية والعرقية حتى يقول البرفسور الألماني أترني: لأي شيء يدرس أولادنا تاريخ أمة أجنبية؟! ولماذا يقص عليهم قصص إبراهيم وإسحاق؟! ينبغي أن يكون إلهنا أيضًا ألمانيًا. وليست روسيا العالمية بأقل حماسة للعصبية الجنسية الوطنية من منافسها القديم ألمانيا.



وقد سرت عدوى القومية إلى الأقطار الإسلامية.



ومن قبيل التعصب القومي أن الدول الكبيرة ترى واجب قوميتها أن تبسط سيطرتها على أكبر رقعة من الأرض وترفرف إعلامها على مساحات واسعة وإن كانت قفارًا أو صحارى، وتكون لها مستعمرات وممتلكات في قارات مختلفة، وإن كان ذلك يكلفها جيوشًا وأموالاً بغير فائدة جدية تعود عليها، ويصعب عليها حراستها والقيام بشئونها، كل ذلك مما توجبه عليها شريعة القومية، وليس لها غاية أخلاقية وثمرة أدبية غير ما تسميه المجد القومي والشرف القومي.



والخلاصة أن الحكم في ظل النفسية الغربية والفكر الغربي حكم جباية لا حكم هداية، فدولة الهداية تعني تهذيب النفوس، وإن كان ذلك يكلفها أموالاً طائلة وميزانية ضخمة، ونتيجة هذا النوع من الحكومات ـ إذا قامت في بلاد ما ـ بيَّنها القرآن وتنبأ بها للمهاجرين الأولين: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ...}, أما الحكومات التي تقوم للجباية لا للهداية, وللانتقال لا للنفع, فطبيعي أن تكون عنايتها مصروفة إلى أنواع الخراج والمحاصيل والغلات, وكثيرًا ما يكون ذلك على حساب الأخلاق والفضائل والنظام المنزلي..



فالحكومات الأوربية تحمل معها مفاسد الحضارة الغربية وشرورها، وكيف يرجى من هذه الحكومات أن تزدهر الفضيلة والأخلاق ويرقى مستوى أخلاق الشعب في ظلها ودولتها ولم يكن ذلك في بلادها وأوطانها، وليس ذلك من رسالتها ومهمتها ولا مما تدين به وتعتقده؟!! "وكل إناء بما فيه ينضح", {وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً}.



بل أصبحت المخترعات والمكتشفات الجديدة مما كانت تعود على النوع الإنساني بخير كثير لو كان مستعملها يعرف الخير ويقدر أن يتجه إليه ـ أصبحت وضررها أكبر من نفعها. فالحاصل أن الغربيين لما فقدوا الرغبة في الخير والصلاح وضيعوا الأصول والمبادئ الصحيحة وزاغت قلوبهم وانحرفت، واعتلت أذواقهم لم تزدهم العلوم والمخترعات إلا ضرارًا.



ولكن الواقع الذي ينبغي أن نقرره أن أهل الغرب الذين غرسوا هذه الشجرة الخبيثة قد مقتوها، وأصبحوا يتذمرون منها؛ لأنها خلقت في كل ناحية من نواحي حياتهم مشاكل وعقدًا لا يسعون لحلها إلا وظهرت مشاكل جديدة، ولا يفصلون فرعًا من فروعها إلا وتطلع فروع كثيرة ذات شوك. إن الأكثرية من رجال الأمم الغربية لا تزال تتوهم أن منبع المصائب في فروع هذه الشجرة، فهم يفصلونها ويستأصلونها من الشجرة ويضيعون أوقاتهم وجهودهم في قطعها ولا يعلمون أن منبع الفساد في أصل الشجرة.



وجماعة قليلة فيهم من العقلاء أدركوا أن أصل حضارتهم فاسد, ولكنهم لما نشأوا قرونًا في ظل هذه الشجرة ـ وبأثمارها نبت لحمهم ونشز عظمهم ـ كلت أذهانهم عن أن يعتقدوا أصلاً آخر غير هذا الأصل يستطيع أن يخرج فروعًا وأوراقًا صالحة سليمة.



وختامًا لهذه النقطة نقول: إن الرزايا المعنوية في ظل الحياة الأوربية لا حصر لها ولا موضع فيها لشهامة أو سماحة نفس أو أريحية.. وإنما هو طغيان المادية والمعدة.. وأدبهم العصري لا يتحدث إلا عن المادة وأصحابها، ويحث الشباب على التهام الحياة وانتهاب المسرات... وزاد الطين بلة تنافس المصانع والمنتجين والصناع، ففي كل صباح يتدفق على المدنية سيل جديد من أحدث المنتجات, طراز من السيارات والسجائر والأزياء والقبعات والأحذية والأدهان والأطلية وأسباب الزينة والزخارف والأجهزة... ولا تلبث هذه المنتجات التي هي من فضول الحياة أن تدخل في أصول المعاش ولوازم المدنية، والذي لا يتحلى بها لا يعد من الأحياء.. ولهذه الأسباب ولغيرها ارتفعت قيمة المال في عيون الناس ارتفاعًا لم تبلغه في الزمن السابق، وأصبح العقل الأوربي محاميًا عن المادية لا يحكم على الأخلاق بالحسن والصحة إلا بمقدار جلبها للمنافع المادية، ولا يهم المجتمع الآن كيف يعامل الولد والده أو الزوجة زوجها إذا كان هؤلاء الأفراد لا يزالون في الدائرة المدنية التي اختطها المجتمع حول أفراده، ومادام لا يحدث عملهم هذا اضطرابًا في المجتمع وثورة على النظام ولا يعرقل سير المدنية, فلا بأس إذا كان هنالك عقوق ولد أو جفاء من زوج أو دعارة من امرأة أو فسق من رجل أو خيانة من زوجة... فالبشرية بأمس الحاجة لقيادة جديدة.




--------------------------------------------------------------------------------

[1] وهذا لا ينافي محاربتهم للمسلمين خوفًا من عقيدتهم وكرهًا لها. وقد يظهر من إزاء ذلك الصليبية لكن بعيدًا عن صراعهم مع المسلمين, فالتزامهم بدينهم مضمحل.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ الجزء الثانى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ الجزء الأول
» ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ الجزء الثاالث (الحل )
» أثرالإسلام فى تحويل الإهتمامات وتغيير العقليات -الجزء الثانى
» أصغر إرهابي في العالم
» عشر ذي الحجة ووحدة المسلمين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتديات العامة :: الـملـتـقى الــعــام-
انتقل الى: