يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد:

التقيت صديقا لي فرأيت عليه ملامح الفرح والسرور , وعيناه تذرفان دموعا
فسألته: ما سبب فرحك؟؟
أجاب بكل لهفة : نلت الشهادة بفضل مجهوداتي و طول سهري.
باركت له نجاحه و استأذنته لزيارة أحد أقاربي في المستشفى و مضيت في سبيلي , دخلت على قريبي فلما رآني تبسم في وجهي و رحب بي.
سألته عن حاله وقلت : أراك اليوم أفضل من الأيام السابقة؟؟.
قال : بفضل الطبيب وطاقم المستشفى نجوت من الموت بأعجوبة .
بقيت معه قليلا ثم انصرفت راجعا إلى البيت, و في الطريق رأيت حادثا , اقتربت منه و سألت أحد الحضور فقال : لولا مهارة السائق لكانت النتائج غير محمودة.
أكملت طريقي إلى البيت , دخلت على أمي و إذا أنا بمبلغ من المال على الطاولة.
سألت أمي : من أين هذا المال ؟
قالت : هذا مالي ورثته عن جدتك؟
مضيت إلى غرفتي , و أخذت مصحفا وبدأت أقرأ , كانت سورة النحل , لما وصلت إلى الأية الثالثة والثمانين , أعدت قراءتها مرات , ثم تذكرت سائر المواقف التي مرت بي في يومي
نهضت إلى التفسير لأعرف معناها
أتدري أخي ما معنى هذه الأية ؟؟
أتدري حجم مخالفتها؟؟
اسمع معي
يقول بن كثير - رحمه الله - يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ [النحل : 83]

أي يعرفون أن الله تعالى هو المسدي إليهم ذلك وهو المتفضل به عليهم ومع هذا ينكرون ذلك ويعبدون معه غيره ويسندون النصر والرزق إلى غيره .

تذكرت : بفضل مجهوداتي ......... بفضل الطبيب ..... لولا مهارة السائق.... مالي ورثته .

أين نسبة النعم إلى الله؟؟

يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها أي : ينكرون إضافتها إلى الله - سبحانه- لكونهم يضيفونها إلى السبب متناسين المسبب و هو الله - سبحانه- .
ليس المعنى أن ينكروا بقولهم ما جاءنا مطر أو ولد أو صحة ولكن ينكرونها بإضافتها للمسبب الذي هو الله- سبحانه- .
قال مجاهد في هذه الأية : هو قول الرجل هذا مالي ورثته عن ءابائي.
قال عون بن عبد الله : يقولون: لولا فلان لم يكن كذا .
قال بن تيمية - رحمه الله- : بعد حديث : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر قال: وهذا كثير يذم - سبحانه- من يضيف إنعامه إلى غيره ويشرك به .

أتدري أخي - رزقنا الله توحيده وشكر نعمه - لماذا كان هذا كفرا للنعمة .
أقول لك :
أولا: أن الخالق لهذه الأسباب هو الله - سبحانه - , فكان الواجب أن يشكر وتضاف النعمة إليه.
ثانيا: أن السبب قد لا يؤثر كما في الحديث ( ليس السنة بأن لا تمطروا و لكن السنة أن تمطروا و لا تنبت الأرض شيئا) رواه مسلم.
ثالثا: أن السبب قد يكون له مانع يمنع من تأثيره.
فتبين بطلان إضافة النعم لغير الله- سبحانه-
تقول وما الحل إذا؟؟؟؟؟

أقول لك حرف عربي سهل على اللسان ثقيل في الميزان يجنبك عضب الرحمن
الحرف هو : ثم
فتقول بكل بساطة يا صديقي : نلت الشهادة بفضل الله - سبحانه- ثم بمجهوداتي و سهري وتعبي...
تقول بكل بساطة يا قريبي : نجوت من الموت المحقق بفضل الله ثم خبرة وسهر الطبيب.
تقول بكل بساطة: بفضل الله - سبحانه- ثم مهارة السائق لم تكن الخسائر كبيرة .


بكل بساطة قل: بفضل الله - سبحانه- ثم كذا وكذا ......

أسأل الله - سبحانه - أن يجعلنا من أهل توحيده وأن يجنبنا الشرك ما ظهر منه وما بطن.

رحم الله - سبحانه- امرءا أهدى لي عيوبي.

أسأل الله - سبحانه - أن يجعلنا من أهل توحيده وأن يجنبنا الشرك ما ظهر منه وما بطن.

جزاك الله خير الجزاء على الموضوع الرائع

اللهم علمنا بما ينفعنا ,وانفعنا بما علمتنا يارب العالمين